عائلة الفاعل: إطلاق النار كان للتخويف
خلّفت حرب عصابات اندلعت مساء الجمعة في حي المعمرية ببلدية هراوة في العاصمة مجزرة، إثر إطلاق شخص مسلح النار على مجموعة شباب يتشاجرون، ما أدى إلى مقتل الطفل سحايلية هشام، البالغ من العمر 13 سنة، وإصابة آخرين بجروح، أحدهما حالته خطيرة.
يعيش سكان 600 و700 مسكن حالة من الرعب والخوف، بعد الجريمة التي راح ضحيتها الطفل هشام، وهو ما لمسناه بمجرد دخولنا الحي الجديد الذي استقبل منذ ستة أشهر فقط سكان كل من حي الشاليهات ببلدية الرويبة، وحوش عين الكحلة ببلدية الرغاية، حيث صادفتنا امرأة كانت في طريقها إلى بيت المرحوم هشام، إذ بادرتنا بالقول وملامح الغضب بادية على وجهها: “رانا خايفين على أولادنا، بسبب غياب الأمن، فمنذ ترحيلنا إلى هذا الحي، أصحبنا ننام ونصحو يوميا على الشجارات والمناوشات الكلامية بين الشباب، غالبا ما تكون نهايتها مأساوية”.
جوّ جنائزي
رافقتنا هذه المرأة إلى حي 600 مسكن، وبالضبط إلى العمارة رقم 24، حيث يقطن هشام بإحدى الشقق. هناك كان الجو جنائزيا، تلاوة القرآن تنبعث من المكان، والمعزون يتوافدون في انتظار وصول نعش المرحوم من مستشفى لمين دباغين، مايو سابقا، أما والدة هشام التي خارت قواها من هول الفاجعة، واستسلمت للدموع التي أبت أن تجف عن مقلتيها، فكانت تتوسط مجموعة من النسوة بإحدى الغرف.
عندما استفسرنا والدة هشام عن ما حدث، وقبل أن تروي المأساة، سارعت إلى خزانة غرفة نومها لتحضر لنا صورة لفلذة كبدها، كان قد أخذها رفقة زملائه عندما كان ضمن فريق رياضي تابع لشركة سوناطراك.
ففي حدود الساعة السابعة مساء، طلب هشام من والدته السماح له بالذهاب لشراء هاتف نقال بالأموال التي جمعها من بيع السبانخ أثناء العطلة الشتوية، وفي الطريق أخبره أحد شباب الحي بوقوع شجار بين شباب كل من حي 600 و700 مسكن، وأن شقيقه الأكبر أحمد البالغ من العمر 16 سنة هناك، حينها استسلم هشام لفضوله، وخوفا من أن يصيب شقيقه مكروه، غيّر وجهته وتنقل إلى مكان الشجار حيث ألح عليه العودة إلى المنزل بحجة أن الوالدة تبحث عنه، إلا أنه وبعد ثوان فقط من وصوله إلى المكان، لقي مصرعه بعد إصابته برصاصة على مستوى الصدر، وهو الخبر الذي نزل كالصاعقة على أفراد العائلة.
كما أصيب طفل آخر، 15 سنة، بجروح خطيرة على مستوى الصدر، وشاب، 25 سنة، بجروح بإحدى رجليه.
خلاف قديم
وعمت الفوضى المكان، ليظهر أن الفاعل شخص يملك بندقية صيد تحصل عليها أثناء الحرب على الإرهاب، يقطن بحي 700 مسكن.
وحسب رواية أحد السكان، فإن أصل المشكل يرجع إلى خلاف قديم بين عائلة الفاعل وأخرى كانتا تقطنان بشاليهات الرويبة، تم ترحيلهما إلى حي المعمرية، وبعد نشوب شجار بين مجموعة من أفرادهما، خرج الفاعل وأطلق النار على المتشاجرين.
بالمقابل، تنقلت “الخبر” إلى بيت الفاعل البالغ من العمر 67 سنة، حيث استقبلتنا إحدى بناته بوجه شاحب لتخبرنا أن الوالد أطلق النار لإخافة المتشاجرين، ولم تكن له نية إلحاق الأذى بهم، مضيفة بخصوص بندقة الصيد “تحصل عليها أبي سنة 1997 أثناء العشرية السوداء”.
كما تنقلنا إلى فرقة الدرك الوطني لبلدية هراوة، حيث أخبرنا أحد الدركيين أنه لا يمكن الإدلاء بأي تصريح إلا برخصة من خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني، غير أن مصادرنا كشفت أن تقرير تشريح الجثة أكد أن الخراطيش التي تم العثور عليها بمكان الجريمة هي لبندقية صيد، وأن الفاعل وضع رهن الحبس المؤقت، فيما يخضع ابنه للتحقيق.
